أخبار

تقرير كامل عن إنتشار الكوليرا في سوريا

تقرير كامل عن إنتشار الكوليرا في سوريا

بدأت الكوليرا في الانتشار أكثر فأكثر في سوريا ، مع ارتفاع عدد الضحايا في بعض أجزاء البلاد.

وضع مرض “الهواء الأصفر” عبئًا جديدًا على الهيئات الحكومية التي استنفدت بالفعل منذ اندلاع الأزمة السورية منذ ما يقرب من عقد من الزمان ، وهو مصدر قلق آخر للسوريين في الأوقات الاقتصادية الصعبة.

في آب من العام الماضي ، ومع ارتفاع درجات الحرارة في شمال وشرق سوريا وتسجيل الحالات والوفيات ، بدأ المرض يظهر أولى علاماته ، ثم بدأ لاحقًا في الانتشار إلى المحافظات الأخرى وصولًا إلى العاصمة.

في حين أن إجراءات علاج الكوليرا والوقاية منها سهلة ، فإن الكوليرا هي كابوس حقيقي في سوريا.

حصيلة أولية

ومع انتشار الكوليرا، استنفرت وزارة الصحة السورية في محاولة لاحتواء الوباء قدر الإمكان، إذ أعلنت عبر حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي تخصيصها نشرات تحديثية للوضع الوبائي.

وبدأت الوزارة على قدم وساق بتخصيص منشورات توعوية عن المرض، والتحذير من التهاون في التعامل مع مسبباته.

وكشفت وزارة الصحة في إحصائية أولية عن عدد الإصابات التي تم تأكيدها والوفيات في مختلف المحافظات، إذ ثبت إصابة 53 حالة، تركزت في حلب، إضافة إلى 7 وفيات، منها 4 في حلب، وحالتان في دير الزور، وواحدة في الحسكة.

إقرأ أيضا:تفاصيل وقيمة ثروة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

وسبق أن أعلن ممثل الأمم المتحدة في سوريا عمران رضا عن حصيلة وفيات مقاربة، إذ أكد أن المنظمة سجلت 8 وفيات في الكوليرا.

بينما أعلنت ”الإدارة الذاتية الكردية“ في شمال وشرق سوريا، التي شهدت أولى الحالات فيما يبدو، تسجيل 3 وفيات.

صعوبات وتحديات

ويزيد من خطر انتشار الوباء، عدم قدرة وزارة الصحة على أخذ زمام الأمور في جميع مناطق البلاد، إذ تحتفظ ما تسمى بالإدارة الذاتية الكردية بالسيطرة على مناطق شمال وشرق سوريا.

بينما تغيب إدلب تحت سيطرة ”جبهة النصرة“، ليصبح إحصاء الحالات المصابة هناك، مع اشتباه تفشي الكوليرا بين مئة شخص على الأقل في المحافظة، أمرا صعبا.

لكن قدرة السوريين على التنقل بين مختلف المناطق، وغياب الأعراض أحيانا عن المصاب، يسهمان بانتشار الوباء سريعًا في البلد بأكمله.

ورغم تأكيد وزارة الصحة في السابق توافر العلاج في مستشفياتها، لكن ضعف مقدراتها التي تسببت بها الأزمة السورية، وهجرة العديد من العاملين في القطاع الصحي للخارج، قد يساعدان  في مضاعفة الإصابات.

أسباب الوباء وبروتوكول العلاج

ولا يبدو الخبر عن تفشي وباء في سوريا غريبا مع استمرار معاناتها من أزمتها السياسية، التي أدت إلى غياب أبسط مقومات الحياة، وأدت إلى لجوء العديد من المزارعين لري محاصيلهم بالمياه الملوثة في محاولة للبقاء.

إقرأ أيضا:حالة الطقس في الأردن غداً اول ايام رمضان

وبحسب ممثل الأمم المتحدة عمران رضا، فإنه إلى جانب ري المحاصيل بمياه ملوثة، يرجح أن مصدر العدوى ارتبط كذلك بشرب المياه غير الآمنة من نهر الفرات، الذي اضطر إليه الناس كخيار مع غياب توفر مياه الشرب.

وتتمثل أعراض الكوليرا بألم في المعدة مترافق مع صداع وإسهال شديدين، وإقياء واضطرابات هضمية وصولا إلى الجفاف الذي يؤدي إلى الوفاة.

وتظهر على المصاب الأعراض خلال 24 ساعة، بينما من الممكن أن تظل كامنة لدى أشخاص آخرين.

ويعتمد علاج الكوليرا على تحليل الإماهة الفموية التي تتطلب أحيانًا تزويد المريض بأكثر من أربعة ليترات من المحلول لعلاج الجفاف في حالات الجفاف المعتدلة، أما في الحالات الشديدة فيتم تعويض المصاب بالسوائل وريديًّا.

سوريا.. وتاريخ عريق مع مكافحة الكوليرا

يُعتقد أن الكوليرا ضربت سوريا للمرة الأولى مع العراق ومنطقة الخليج العربي في عام 1822م، مع تفشي الوباء آنذاك على مستوى عالمي.

لكن أولى الضربات الموجعة التي وجهها وباء الكوليرا للسوريين كان في عام 1848، حين أخذ  يحصد في دمشق وحدها 300 شخص يوميا، وأشيع آنذاك أن عدد الوفيات وصل إلى عشرة آلاف خلال شهر واحد فقط من بدء تفشي الوباء.

عاد وباء الكوليرا لاحقا ليضرب دمشق على مدى أعوام متتالية، إذ عاد في أعوام 1865م و1874م و1892، ليشهد عام 1902م، آخر ضرباته مع تحسن البنية التحتية وسبل المعيشة.

إقرأ أيضا:عدد المسافرين عبر مطار الملكة علياء حتى آب 2022

فتوى 1865.. تنقذ أثرياء دمشق

ومن طرائف التاريخ مع الوباء، وعلى خلاف ”التحريم النبوي“ الهرب من وباء الطاعون، الذي اضطر معه مسلمو سوريا للبقاء في أماكن إقامتهم ليحصد الطاعون العديد منهم، أجاز العلماء آنذاك الهرب من الكوليرا.

واحتج العلماء آنذاك بالسماح بالهرب من الكوليرا، على أنه وباء لم يكن على زمن الرسول عليه الصلاة والسلام، ما يتيح للمسلمين الهرب منه.

وإثر الفتوى، هرب العديد خاصة من أثرياء دمشق وتجارها منها إلى المرتفعات الجبلية كبلودان، لغلبة الهواء البارد المقاوم للوباء، مختارين النجاة بحياتهم، بينما حصدت الكوليرا أرواح الأكثر فقرا  آنذاك.

كيف انتشلت سوريا نفسها من الكوليرا؟

في عام 1884، اكتشف روبرت كوخ بكتيريا ”فيبريو كوليراي“، ومع نهاية القرن التاسع عشر تم التثبت تدريجيًّا من أن الماء الملوث هو السبب الأساس في انتشار الكوليرا السريع.

ومع اكتشاف السبب الرئيس للكوليرا، أصدر السلطان عبدالحميد الثاني أوامره لتقويض الوباء في بلاد الشام، إذ منع استخدام مياه نهر بردى في سوريا ونقل مياه ”عين الفيجة“ بالأسطال الحديدية المغطاة أو المدفونة إلى داخل دمشق ونواحيها.

كما أمر بإنشاء أول مستشفى حديث في دمشق وسمّاه المستشفى الحميدي أو المعروف باسم ”الغرباء“ وهو الآن مقر رئاسة الجامعة، حيث ضم هذا المشفى ثاني مخبر في المنطقة يقوم بإجراء الفحوصات الطبية المخبرية بعد مخبر الكلية السورية البروتستانية المعروفة الآن باسم الجامعة الأمريكية في بيروت.

وبمواجهة سوريا لواحدة من أسوأ أزماتها عبر التاريخ منذ عام 2011، عاد شبح الكوليرا يلوح في الأفق، ليحل محل وباء ”كورونا“، حاصدًا المزيد من أرواح السوريين.

السابق
الكشف عن سبب وفاة ضحايا حادثة اللويبدة
التالي
سبب تعطل تطبيق تيك توك اليوم